الذاكرة القصيرة وطويلة المدى
الذاكرة القصيرة وطويلة المدى |
هل
تساءلت يوماً لماذا يمكنك وبسهولة تذكر تفاصيل أول يوم لك في المدرسة؟ وإن لم يكن
الأمر سهلاً عليك فحتى على الأقل ستستطيع تذكر أغلب الأحداث التي مرت بك خلال ذلك
اليوم، حسناً دعونا ننسى أول يوم في المدرسة فمن المدهش تذكر وحتى الرتوش الصغيرة
لحدث قد مرت عليه عديد السنون، ولكن هل بإمكانك تذكر وجبة الطعام التي تناولتها من
اسبوع؟ لا تستطيع! الأمر غريب أليس كذلك؟
يمكنك أن تتذكر حدث قد مر عليه ثلاثون عاماً ولا يمكنك أن تتذكر أحداثاً قد مر
عليها ثلاثون يوماً أو أقل، لكن لماذا؟ الإجابة تكمن في موضوعنا لليوم
"الذاكرة القصيرة وطويلة المدى".
تعريف الذاكرة القصيرة المدى
تُعرف
الذاكرة قصيرة المدى على أنها الذاكرة المسئولة عن حفظ البيانات قليلة الأهمية
وقليلة الحجم لفترة زمنية قصيرة، ومن هنا جاءت التسمية "قصيرة المدى"،
وهذه الفترة الزمنية قد تتراوح ما بين عدة أيام وحتى شهور، ولكنها لا تتعدى ذلك في
أحسن الأحوال، وذلك لأن الذاكرة قصيرة المدى تشبه الرامات الخاصة بجهازك الحاسوب؛
فهي ذات سعة تخزين محددة لا يمكنها أن تتجاوزها؛ ولهذا السبب بالتحديد فإن الذاكرة
مصممة تلقائياً أن تقوم بحذف البيانات أولاً بأول حتى تتيح الفرصة أمام البيانات
الجديدة لكي يتم تخزينها، وبالتالي تصبح الفترة الزمنية التي يتم فيها تخزين هذه
البيانات قصيرة؛ فكما قلنا قد تكون عدة أيام فقط، وهي الذاكرة المستخدمة في تخزين
البيانات ذات القدر القليل من الأهمية، والتي لا يهتم بها الإنسان إلا لفترة زمنية
معينة مثل: رقم هاتف محمول خاص بشخص أخر ترغب في تدوينه ولكنك لا تمتلك الهاتف أو
القلم اللازم لذلك، فإنك هنا تتخذ القرار القاضي بحفظ ذلك الرقم، وتظل تفكر في
الرقم حتى تجد القلم أو الهاتف وتدون ذلك الرقم، ومن ثم فإنك تبدأ في تجاهل ذلك
الرقم حتى تنساه تماماً؛ وذلك لأنك لم تعد بحاجة لحفظه.
تعريف الذاكرة الطويلة المدى
بينما تعرف
الذاكرة طويلة المدى على أنها الذاكرة التي يعتمد عليها دماغ الإنسان في تخزين
البيانات ذات الأهمية الكبرى، والتي يحتاجها الإنسان بصفة دورية في حياته اليومية،
فبدونها لا يمكن للإنسان أن يتمكن من إدارة حياته بشكل طبيعي، وهنا نجد اختلافاً
كبيراً فيما بين الذاكرة طويلة المدى والذاكرة قصيرة المدى؛ فالذاكرة قصيرة المدى
كما قلنا سابقاً تكون محددة بسعة تخزينية ثابتة إنما الذاكرة طويلة المدى لا يُعرف
لها حدود؛ فيمكن للإنسان تذكر أحداثاً قد مر عليها وقتاً طويلاً طالما أنه يعيد
استذكار تلك اللحظات بين الوقت والأخر، وهذا ما يجعل الذاكرة طويلة المدى مميزة؛
فكلما راجع الإنسان البيانات المخزنة فيها لا يمكنه نسيانها أبداً، ولكن إذا لم
يراجعها باستمرار فإنها تتحول تدريجياً من الذاكرة طويلة المدى إلى الذاكرة قصيرة
المدى، وهو ما يؤدي إلى نسيان تلك الأحداث فيما بعد، وكذلك الأمر بالعكس؛ فبالعودة
إلى مثال رقم الهاتف الذي ذكرناه في الذاكرة قصيرة المدى فإننا نجد أنه إذا كان
رقم الهاتف ذاك هو رقم هاتفك الجديد فإنك ستظل تحتفظ بالرقم في ذاكرتك قصيرة المدى
لفترة أطول، وتعيد تذكره كلما شعرت بأنك تنساه، وهكذا كل مرة تقترب من نسيانه فيها،
ومع مرور الوقت ستجد هذا الرقم قد أصبح مخزناً في ذاكرتك طويلة المدى.
ولكن
هناك عيب كبير يخص الذاكرة طويلة المدى ألا وهو إضافة التفاصيل الناقصة، فكثير منا
ينسى التفاصيل الخاصة بموقف قد مر عليه منذ مدة ليست باليسيرة؛ فيميل إلى إضافة
أحداث افتعلها عقله لتعويض تلك الأحداث المفقودة وللحفاظ على التسلسل المنطقي لهذه
الأحداث، وهو ما قد يتم بإدراك الإنسان أو دون إدراكه.
وفي
النهاية لا يمكننا إلا القول أنَّ دماغ الإنسان إحدى عجائب قدرة الله؛ فهذا الدماغ
البشري الصغير قادر على تخزين البيانات التي لا يمكن لحواسيب جبارة تشغل غرفاً
بأكملها تخزينها؛ فسبحان الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق